نساء لسن للزواج.
"نحن نتحدث مع الفتيات، ونقيم العلاقات المشبوهة معهن، ولكن إذا أردنا الزواج لا نفكّر أدنى تفكير في هذه المرأة التي تسلقت جدران العفة، وتعرفت على شاب غريب عنها، ولم تراع عند ذلك حياءً ولا خجلاً..
وقد تستغربون هذا القول مِنّا، ولكن نحن ننظر إلى علاقتنا مع الفتيات من منظار التسلية.. ولكن إذا أردنا الزواج فإننا ننظر من منظار آخر متّزن وأكثر جدِّيَّة...".
هذا القول هو قول عامة الشباب المستهتر، وهم يتعرّفون على الفتيات، ويقيمون معهن العلاقات المحرّمة، ولكن لا يفكّرون بهن كزوجات.. ولا يرونهن أهلاً لذلك!!..
يقول (ح.م.ل): " أنا لم أجبر أيا منهن على محادثتي وإقامة علاقة معي، وحقيقة أنا لا أسمح لأخواتي أن يفعلن مثلي، لأنهن لسن مثل هذه النوعية (الصائعة) التي أعرفها جيداً.. لأن هؤلاء المتحدثات مع الشباب على الهاتف من البنات الصائعات في الشوارع.. ولو كان لهن رجال لوقفوا سداً منيعاً دون انزلاقهن هذا المنزلق الخطير" اهـ.
وقال (س.د) ـ وهو شاب في الحادي والعشرين من عمره ـ: "كنت إلى فترة قريبة أكلّم الفتيات هاتفياً، ولكني الآن لا أفعل، ذلك لأن الشاب في تلك المرحلة المبكرة من عمره يمر بمرحلة يكون فيها غير ثابت نفسياً، وشخصيته تكون مهزوزة، ولذلك يتأثر بصديق له أو يقلده، وهذا ما حدث معي، حين اكتشفت في لحظة أن أصدقائي جميعاً يكلمون الفتيات، ولديهم صديقات، وعندما حاولت أن أقلّدهم انزلقت قدمي في هذا الطريق!!، وبصراحة أن البنات اللاتي يتحدثن مع الشباب في الهاتف على درجة ضئيلة من الأخلاق.. وعلى الرغم من أني كنت أرى هذا الأمر بالنسبة لي عاديًّا، إلا أنني لا أرضاه لأخواتي البنات، لأن هذا الطريق لا تسلكه إلا الساقطات من النساء" اهـ.
هذه النتيجة ليست مستغربة.. لأن المرأة التي تتعرف على رجل، وتحدثه بالهاتف وتخرج معه حيث أراد، هذه (صائعة)، ليس في نظر أهل الدين والصلاح فقط، بل في نظر الشباب المعاكس أنفسهم..
ولو سألت كثيراً من هؤلاء الشباب لماذا لا تتزوجها؟، لسمعت الرّد الموحد منهم جميعاً: "ومن يضمن لي أنها لن تتعرّف على شخص آخر بعد زواجي منها؟".
وعلى أن الإنسان تسرّه هذه الحميّة عند الشباب، لكن للأسف أنهم فكروا بأنفسهم فقط، ولم يفكّروا بإخوانهم المسلمين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إنك إن اتبّعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت تفسدهم"[15].
فنتمنى أن يكيلوا بمكيال واحد لا مكيالين.
ثم إن هناك نتيجة حتمية قد تغفل عنها هذه الفتاة المنحرفة، ولكن لا تلبث قليلاً حتى تكتشفها وتراها أمامها رأي العين.
هذه الحقيقة التي تكلَّم عنها الشباب أنفسهم، وهي أنهم لا يفكرون بهذا الصنف من الفتيات زوجات، بل محطات للتسلية، ولو حدث وفكر أحد الشباب في ساعة غفلة بالزواج من الفتاة التي كانت تربطه بها (علاقة...) ستتدخل أطراف أخرى بمنعه من الزواج منها، وهم أهله إذا كانوا من أصحاب السمعة الطيبة..
تقول (ف.ب): ".. أشعر بأنني أدمنت الهاتف بطريقة لا شعورية، مع قناعتي التامة أن علاقة المرأة بالرجل خاطئة إن كانت بهذه الطريقة، وحدث وإن تطورت علاقتي بأحد الشباب وأحببته، لكن أهله لم يوافقوا على تقدّمه لي، فأنهيت قصتي معه..." اهـ.
فإذا كانت الفتاة تعرف هذه النتيجة المحققة، لماذا لا تقصر الطريق من أوّله، وتغلق بابها أمام رياح الفتن المتلاطمة؟!.
هذه اعترافات من شباب سلكوا هذا الطريق الموحش، المليء بالخيانة والمواعيد الكاذبة والكلمات الفاحشة..
واعتراف من أولئك الفتيات اللاتي سلكن نفس الطريق... وكلهم يعترف بخطورة الطريق الذي يسلكه، والنتائج السلبية التي يؤول إليها هذا الأمر..
وهذا انعكاس واضح لنظرة الشباب إلى تلك الفتيات، ووصفهن بأرذل الأوصاف وأشنعها، وأنهم لا يرضون لأخواتهم أن يكن مثلهن..
وهذا دليل على أنهم ينظرون لهن على أنهن ساقطات، عديمات العفة والحياء، وأنهن على درجة عالية من الانحطاط..
وأيضاً هذا انعكاس لصورة الفتاة التي انحرفت وراء المعاكسات، وهي تعترف منكسرة أنها لم تكن سوى مرحلة عبور في حياة ذلك الشاب المعاكس، ولن ترتقي أن تكون زوجة..
فأين وقفة الصدق مع النفس وتحديد المسار؟!.
إليها..
الأخت الفاضلة...
اعلمي أن الدنيا ولّت مدبرة، وأن الآخرة ترحّلت مقبلة، ولكل منهما بنون، فكوني من أبناء الآخرة، ولا تكوني من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل.
واعلمي أن الدنيا دار نفاد لا دار إخلاد، ودار سفر لا دار مقرّ، ودار عبور لا دار حبور، ودار انصرام لا دار دوام، فأعدّي للسؤال جواباً، وأعدّي للجواب صواباً: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى فيه كل نفس ما كسبت وهو لا يظلمون} وانظري هناك إلى المدى البعيد.. وإلى الماضي التليد.. والعهد الغابر.. كيف كنت من قبل؟.. وماذا ستكونين من بعد…؟
وانظري إلى من حولك نظرة تأمل، فكم من إنسان يبحث عن معنى السعادة، وكلٌّ يخترع أسلوباً يرى أنه مناسب له، ليصل إلى الغاية المنشودة التي يبحث عنها، وهي.. (السعادة).
فالبعض يراها في المعاصي.. والبعض يراها في التبرّج.. والبعض يراها في الانسلاخ من مبادئ الإسلام...
والبعض يراها في السَّير على طريق الله المستقيم (طريق الهداية)، وهذا هو الذي وصل.
لماذا كل هذه الحيرة؟..لماذا الهروب من الفطرة؟.. لماذا الرحيل عن المرفأ الآمن الذي فيه السلامة؟..
أختاه: الطريق واضح…، والحق واحد لا يتعدد..
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
فالمرأة التي انسلخت من فطرتها، وخلعت جلباب حيائها وثوب عفتها، لا شك أنها على شفا هَلَكَة، إن لم تكن قد هلكت.
فما هو الحل الصحيح؟، وما المنجى والمخلص من الوقوع في الهاوية؟!..
لا شك أنه الرجوع إلى الله.
لذلك يعزّ علينا ـ أخيتي الكريمة ـ أن نرى أختاً لنا على خطأ ولا نحاول أن نصحح لها المسار، فنحن نريد للضّالة الهداية.. ونريد للحيرانة الدلالة على الطريق الصحيح السوي، الذي تنال فيه مرضاة الله ومحبته..
أختاه.. هذه المرأة التي نريد:
أن تكون عارفةً، مطيعة لأمر الله، لا تساوي بأمر الله أمر أي أحد كان..
امرأة (ملتزمة)، مهتدية، تحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم..
امرأة تعتز بلباسها الإسلامي المحتشم الذي يسترها، فلا يظهر منها شيء، حتى لا تكون فريسة لأهل المكر والكيد، الذين يتربصون بالمسلمين الدوائر..
أختاه ـ بصراحة ـ؟.. من هي الأكثر احتراماً في عيون الناس؟
أهي المرأة المتسترة المحتشمة، الملتزمة المطيعة؟، أم هي المرأة المتبرجة التي كشفت وجهها وجمّلته، أو كشفت شعرها وساقيها، وراحت تدور في الأعراس والحفلات وأماكن اللهو والسهرات؟..
لا تهربي من الإجابة.. من هي الأفضل؟.. من هي الأولى بالاحترام والتقدير؟..
من هي المرأة التي نتأمل منها بناء الأجيال؟.. أتلك المرأة المطيعة الغيورة على دين الله؟.. أم المرأة التي أصبحت جسداً للتامّل والنظر، بلا حياء ولا غيرة…؟؟؟.
أخيتي الكريمة.. نظرة بعيدة إلى ما بعد الموت..
تخيّلي إذا كنت تحت هذه الجنادل وحيدة، لا أمّ معك ولا أب، ولا قريب ولا بعيد، كيف سيكون الموقف؟.. ومن هو صاحبك في ذلك القبر؟..
إن صاحبك هو عملك.
فإن كان صالحاً فبُشرى لك.. وإن كان سيئاً فيا حسرتاه!.
تخيّلي ذلك القبر الذي يفصلك عن الناس وعن العالم أجمع، تخيّلي كيف يغلق عليك ذلك القبر!!!.
هل سيكون معك عمل صالح فيفرّج الله عنك، أو سيكون معك عمل سوء، فيضيق عليك قبرك.
اسألي نفسك دائماً: (كيف النجاة)؟..
كلها أيام وإن طالت، فوالله ستمر كلمح البصر، ثم بعد ذلك سنرحل الرحلة التي لا بد منها: {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفّون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنّة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}.
فاعملي أنك إذا بعثت أن يكون معك العمل الصالح الذي ينجّيك إذا وقفت بين يدي الله..
أخيّتي.. مع أي الفريقين تريدين أن تكوني يوم يكون فريق في الجنة وفريق في السعير؟؟
اعملي على أن تكوني مع الفريق الناجي من العذاب، وإياك أن يستدرجك الشيطان فتعملي بعمل أهل النار..
فوالله إن أجسادنا على عذاب الله لا تقوى، بل نحن أضعف من أن نتحمّل أهون عذاب الدنيا.. فكيف بعذاب ملك الملوك وجبار الجبابرة؟!!.
أخيّـتي هــذا الطـريق لا تخـدعي بسنـا البريق
كـم سابـح أمسى غريق في ظلـمـة البحر العميق
أخيّـتي قبـل الـرحيـل عـودي إلى الـرب الجليل
مـن غفلـة النـوم الطويل لا بـد يـوماً نستفيـق