كم من أناس اغتروا بشبابهم، وظنّوا انهم سيعيشون طويلاً فأسرفوا على أنفسهم بالمعاصي، وزين لهم الشيطان أعمالهم وصدهم عن السبيل حتى جاءهم الموت بغتة، فرحلوا عن هذه الدنيا ولم يأخذوا معهم من ملذاتها شيئاً يتزودون به ويكون عوناً لهم في سفرهم الطويل.
وقد كان عليّ رضي الله عنه يحذر أصحابه من طول الأمل ويقول: "إن أخوف ما أخاف عليكم طول الأمل واتباع الهوى، فأما طول الأمل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق..".
ولذا فإن الإنسان إذا أطلق لنفسه العنان فلن تنقاد له بسهولة ويسر، لأن النفس بطبيعتها تميل إلى الراحة والدعة وتحب اللهو والعبث ويعينها على ذلك الشيطان الذي يغرر بهذا الإنسان ويزين له زخارف الحياة ويصور له أنه لن يغادر هذه الحياة ويخدعه ويمنيه ويقول له: إنك ما زلت صغيراً والعمر أمامك طويل فلا تستعجل، تمتّع بشبابك وذق طعم الدنيا ولا يزال الوقت مبكراً على التوبة فإذا تقدم بك العمر وذقت ملذّات الدنيا وشبعت منها، فعند ذلك تب إلى الله، والله غفور رحيم، وهكذا يغرر به ولا يدري هل سيعيش حتى يتوب أو أنه سيرحل قبل أن يصل هذه المرحلة.
والنفس كالطفل إن لم تهمله شبّ على حب الرضـاع وإن تفطمـه ينفطم
فجاهد النفس والشيطـان واعصهما وإن همـا محّضـاك النصـح فاتّهم
ولا تطـع فيهما خصماً ولا حكماً فأنت تعلـم كيـد الخصم والحكم
فعليك يا أخي أن تتجّنب طريق المعاصي ولا تطع الشيطان ولا تتبع خطواته، فإن الشيطان لم يزل بأناس يمنيهم ويزين لهم حتى أرداهم في نار جهنم والعياذ بالله..