غزة أسيرة .. فأين الرجال ؟
عبد الرحمن السيد
إن المتابع والمتأمل لما يجري من الأوضاع والأحداث على أرض غزة ليكاد قلبه أن يتفطر .. ولسانه أن يتعثر .. وقلمه أن يتكسر .. وهو يحاول التعبير عما يحدث هناك ..
سَألتُ غُثاءَ السَيلِ والعينُ تَدْمَعُ *** أَحَقّاً عبادَ اللهِ ما أُحِسُّ وأَسمعُ
بأنَّ عُلُوجَ الرُومِ جاسُوا ديارَكمْ *** وأنتمْ حَيارى مُسْتَكِينُونَ خُشَّعُ
قتلٌ وتشريد .. حصارٌ ظالم .. تهديدٌ باغتيال القادة .. انقطاعٌ للكهرباء .. نفادٌ في الوقود .. خيانةٌ من بعض العملاء ..
يا أهل غزة لا عذرٌ فنعــتذرُ *** ومالنـا عن سهام العـار مستَتَرُ
يا أهل غزة .. جبارون .. ملحمةٌ *** من الصمود سُداها الموت والخطرُ
إلا أنه مما يزيد الجروح جِراحاً .. والمآسي آلاماً .. والكروب محناً وبلايا .. ذلك الصمتُ الإسلاميِّ العجيب .. ذلك الذلَّ العربيَّ الخطير .. فيا لله .. هل ماتت القلوب ؟ هل انعدمت المشاعر ؟ هل تبلَّدت الأحاسيس ؟
كنا إذا أرغم الأعداء هيبتنا *** أواستباحوا الحمى بالشجب ننتصرُ
واليوم لا شجبٌ حتى الشجب مجترم تأسى له المُهج الحرى وتصطبرُ رحِم الله الفاروق .. ورحم الله المعتصم .. ورحم الله صلاح الدين .. ورحِم الله من أعاد للأمة أمجادها .. وردَّ إليها فَخرها .. وقادها إلى مرضاة ربها ..
يا أمة الجسد الواحد .. إن بعضاَ من جسدكِ في غزة يُستباح الآن .. فأين رجالكِ ؟ أين الغيورون من أبنائكِ ؟ ( وإذا استنصروكم في الدين فعليكم النصر ) .
إن الذي يجري في غزة ليس حصاراً .. إنما هو حرب إبادة لشعب اختار العيش بكرامة .. إنه عقابٌ جماعي لشعب اختار طريق الإسلام شرعاً .. ومنهجاً .. ودستوراً ..
أكثر من 400 طفل مهدَّدون بالموت .. فأين الرجال ؟ 3900 مصنع توقفت تماماً بسبب عدم وجود الكهرباء .. فأين الرجال ؟ تهديداتٌ إسرائيلية باغتيال القادة من حماس .. فأين الرجال ؟ أكثر من 70 % من الأسر في غزة يعيشون تحت خط الفقر .. فأين الرجال ؟ لا للصمت يا محبي فلسطين .. ولا للذل والخضوع يا مسلمون .. ولا للاستسلام أيها الصامدون .. ولا للتجاهل والتناسي أيها الغيورون ..
ويا أهلنا في غزة .. إن منعوا عنكم الغذاء .. والماء .. والكهرباء .. فلن يمنعوا مدد السماء .. ولن يمنعوا باب الدعاء .. ولن يوقفوا نافذة الرجاء ..
وإن تكالبت عليكم الدول الكافرة .. والأمم الفاجرة .. فإن معكم القوة التي لا ترام .. والعزة التي لا تضام .. والقدرة التي لا تغلب .. ( وإذ يوحي ربك إلى الملائكة إني معكم فثبِّتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب ) .
وإن تخلى عنكم الناس .. فالتجئوا إلى ربِّ الناس .. ملكِ الناس .. إله الناس .. فأنتم اليوم تكتبون التاريخ المشرق للأمة .. وترسمون المستقبل الناصع لها ..
يا غزة القسَام ويا غزَات تنتظر *** النصر يأتي بميعادٍ من القدرِ
حين يرى الله جند الحق قد وفُوا *** بعهد ربي فتأتي مشيئةُ الأمر
بقول " كن" من الجبار يندبه *** فتذعن الأكوان لخالقها بلا نَهَرِ
نسأل الله أن يرفع الضر عن أهلنا في غزة .. وأن يبطش باليهود المعتدين .. وأن يكُفَّ بأسهم عن الذين آمنوا .. إنه خير مسؤول .. وهو حسبنا ونعم الوكيل .