كثيرون هم الذين يستدلون بالبيت القائل ::
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
وهم في حقيقة الأمر لا يعرفون من قائله ومتى قاله وما المناسبة ، ولا حتى بماذا ألحقه... رحم الله الأمام الشافعي الذي أعقب بيته هذا بقوله :
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضاً عيانا
علينا توخي قول الحق عند الحديث عن أي أمر يمس حقوق المواطن و أمنه ويهدد استقراره وسعادته و كذلك الابتعاد عن التشهير الذي مفاده المساس بالآخرين لأن الحقيقة لابد أن ينور بها المواطن ويعرف إلى أين هو سائر ، ولكوننا في دولة يحكمها نظام الجماهير والشعب هو سيد نفسه ... كيف لنا أن ندع الذين أرادوا حياة الرفاهية على حساب الكادحين ، أن ينسجوا لأنفسهم من صمتنا أسلاكاً شائكة تمنع الاقتراب منهم ... رغم ثقتنا الكاملة بأن لقمة العيش تتطلب الدفاع عنها والموت دونها فكيف نسخر له كل ما بوسعنا حتى المنابر التي من المفترض أن تكون حرة، كأن تشير له عن أخطائه يكابر ويأتي بنفس الخطأ مضاعفاً، ولكن لسنا ممن تشغلهم توافه الأمور عن عظيمها ، ولا نستبدل ما ينفع الناس بما يضرهم ولا نترك الأفكار الراقية ونحيد إلى الثرثرة الفارغة هل بعد هذا ما زلنا بحاجة إلى عجرفة الزمن الغابر و التباهي بالعرف و سيادته مهما كان ظلمه وطغيانه، عندما ترصد الميزانية فتقدر حسب الكثرة وعندما تصرف تأخذ منحنى أخر وهو الغلبة للأصحاء وأصحاب المصلحة الشخصية وهم في واقع الأمر يرفعون شعارات لا يؤخذ منها إلا الظاهر ، هل لنا السكوت على كل هذا أم أننا فينا الخير المرتقب والنفع للوطن ولا ندع لبعضنا أن يأكل بعضنا الأخر عياناً على مرأى ومسمع العالمين كفانا ابتسامات باهتة صفراء لمن يشيدون القصور والمنصات العالية ، ليست خوفا منا ... إنما بعداً عن ملامحنا التي لم تعد ترضيهم ، سنسمع صوتنا للجميع فان دورنا لا يقتصر فقط في التهليل والتصفيق لكل ما يفعله بل نحن أرقى من ذلك بكثير... فأبناء مدينتي الشرفاء يجيدون أخفاء ملامح الغضب ، ولديهم قوة خارقة في التحمل ...... وأن أجادوا إظهار الفرح عوضاً عن الغضب فـ :
لا تحسبوا ” صمتي ” بينكم طربا فالطير يرقص مذبوحاً من الألم