إعجاز السنة النبوية في الختان
التعريف اللغوي:
الختان بكسر الخاء اسم لفعل الخاتن و يسمى به موضع الختن , و هو الجلدة التي تقطع و التي تغطي الحشفة عادة ، و ختان الرجل هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة .
الختان في السنة النبوية المطهرة :
دعا الإسلام إلى الختان دعوة صريحة و جعله على رأس خصال الفطرة البشرية ، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : \\\" الفطرة خمس : الختان و الأستحداد و قص الشارب و تقليم الأظافر و نتف الإبط \\\".
الحكم الفقهي في الختان :
يقول ابن القيم : اختلف الفقهاء في حكم الختان ، فقال الأوزاعي و مالك و الشافعي و أحمد هو واجب ، و شدد مالك حتى قال : من لم يختتن لم تجز إمامته و لم تقبل شهادته . و نقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة حتى قال القاضي عياض : الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة ، السنة عندهم يأثم بتركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض و الندب .
و ذهب الشافعية و بعض المالكية بوجوب الختان للرجال و النساء .و ذهب مالك و أصحابه على أنه سنة للرجال و مستحب للنساء ، و ذهب أحمد إلى أنه واجب في حق الرجال و سنة للنساء .
الختان ينتصر :
في عام 1990 كتب البروفسور ويزويل : (1)\\\"لقد كنت من اشد أعداء الختان و شاركت في الجهود التي بذلت عام 1975 ضد إجرائه ، إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حوادث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين ، و بعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت ، فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة و أصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب ان يجري لكل مولود \\\" .
الحكم الصحية من ختان الذكور :
أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن أمراضاً عديدة في الجهاز التناسلي بعضها مهلك للإنسان تشاهد بكثرة عند غير المختونين بينما هي نادرة معدومة عند المختونين .
1 ـ الختان وقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب : فالقلفة التي تحيط برأس القضيب تشكل جوفاً ذو فتحة ضيقة يصعب تنظيفها ، إذ تتجمع فيه مفرزات القضيب المختلفة بما فيها ما يفرز سطح القلفة الداخلي من مادة بيضاء ثخينة تدعى اللخن Smegma و بقايا البول و الخلايا المتوسفة و التي تساعد على نمو الجراثيم المختلفة مؤدية إلى التهاب الحشفة أو التهاب الحشفة و القلفة الحاد أو المزمن (2).
2 ـ الختان يقي الأطفال من الإصابة بالتهاب المجاري البولية : وجد جنز برغ أن 95% من التهابات المجاري البولية عند الأطفال تحدث عند غير المختونين .و يؤكد أن جعل الختان أمراً روتينياً يجري لكل مولود في الولايات المتحدة منع حدوث أكثر من 50 ألف حالة من التهاب الحويضة و الكلية سنوياً(3).
3 ـ الختان و الأمراض الجنسية :
أكد البروفسور وليم بيكوز الذي عمل في البلاد العربية لأكثر من عشرين عاماً ، و فحص أكثر من 30 ألف امرأة ندرة الأمراض الجنسية عندهم و خاصة العقبول التناسلي و السيلان و الكلاميديا و التريكوموناز و سرطان عنق الرحم و يُرجع ذلك لسببين هامين ندرة الزنى و ختان الرجال (4).
4 ـ الختان و الوقاية من السرطان :يقول البرفسور كلو دري يمكن القول و بدون مبالغة بأن الختان الذي يجري للذكور في سن مبكرة يخفض كثيراً من نسبة حدوث سرطان القضيب عندهم .
(1) البروفسور ويزويل عن مجلة Amer.Famil J . Physician
(2) د . محمد علي البار الختان دار المنار
(3) د. حسان شمسي باشا : أسرار الختان تتجلى في الطب و الشريعة ابن النفيس دمشق
(4) Pikers W : Med. Dijest jour .April 1977.
المرجع
روائع الطب الاسلامي ج 4 محمد نزار الدقر
قرار مكين و قدر معلوم
قال تعالى : ( ألم نخلقكم من ماء مهين . فجعلناه في قرار مكينٍ . إلى قدرٍ معلوم . فقدرنا فنعم القادرين . ويلٌ يومئذ للمكذبين ). المرسلات 20 ـ 24 .
بهذا الأسلوب المعجز يشير تعالى إلى حقيقتين علميتين ثابتتين ليس في علم الأجنة فقد ، وإنما في علم التشريح و الغريزة أيضاً . الحقيقة الأولى : هي وصف الآيات للرحم بالقرار المكين . و الحقيقة الثانية : إشارة إلى عمر الحمل الثابت تقريباً ، أو ما أسماه القرآن : القدر المعلوم ، و كأني بالقرآن الكريم ، و يدعواهم للبحث و التأمل لما تحتويان من الأسرار كما سنرى في تفصيلنا لهما ،إن شاء الله .
ـ القرار المكين : قال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ) المؤمنون 12 ـ 13 .
نطفة ..نطفة ضعيفة لا ترى إلا بعد تكبيرها مئات المرات ، جعلها الله في هذا القرار ،فتكاثرت و تخلقت حتى أعطت هذا البناء العظيم ،و خلال هذه المرحلة كانت تنعم بكل ما تتطلبه من الغذاء و الماء و الأوكسجين ، في مسكن أمين و منيع و مريح ، و تحت حماية مشددة من أي طارىء داخلي أو خارجي . حقاً إن هذا الرحم لقرار مكين . و لكن ذلك ؟!!
القصة شيقة و ممتعة لا يملك من يطالعها إلا أن يسبح الخالق العظيم ،و هو يرى تعاضد الآليات المختلفة : التشريحية ،و الهرمونية ،و الميكانيكية ،و تبادلها في كل مرحلة من مراحل تطور الجنين ، لتجعل من الرحم دائماً قراراً مكيناً .
فتشريحياً :
1 ـ تقع الرحم في الحوض بين المثانة من الأمام و المستقيم من الخلف ،و تتألف من ثلاثة أقسام تشريحية هي : الجسم و العنق و المنطقة الواصلة بينهما و تسمى المضيق .
2 ـ يحيط بالرحم جدار عظمي قوي جداً ، يسمى الحوض ، و يتألف الحوض من مجموعة عظام سميكة هي العجز و العصعص من الخلف ، و العظمين الحرقفين من الجانبين و يمتدان ليلتحمان في الأمام على شكل عظم العانة ،هذا البناء العظمي المتين لا يقوم بحماية الرحم من الرضوض و الغط الخارجية من الجوانب كافة فحسب ، و إنما يطلب منه أن يكون ببناء و ترتيب تشريحي يرضى عنه الجنين ، بحيث يكون ملائماً لنموه ،متناسباً مع حجمه و شكله ،و أن يسمح له عندما يكتمل نموه و يكبر آلاف المرات بالخروج و المرور عبر فتحة السفلية إلى عالم النور ،و بشكل سهل . فأي اضطراب في شكل الحوض أو حجمه قد يجعل الولادة صعبة أو مستحيلة ،و عندما يلزم شق البطن لإستخراج الوليد بعملية جراحية تسمى القيصرية .
3 ـ أربطة الرحم : هناك أربطة تمتد من أجزاء الرحم المختلفة لتربط بعظام الحوض أو جدار البطن تسمى الأربطة الرحمية تقوم بحمل الرحم ،و تحافظ على وضعيته الخاصة الملائمة للحمل و الوضع ، حيث يكون كهرم مقلوب ، قاعدته في الأعلى و قمته في الأسفل ، و ينثني جسمه على عنقه بزاوية خفيفة إلى الأمام ، كما تمنع الرحم من الانقلاب إلى الخلف او الأمام ،و من الهبوط للأسفل بعد أن يزيدا وزنه آلاف المرات .
هذه الأربطة هي : الرباطان المدوران ،و الرباطان العرضيان ،و أربطة العنق الأمامية و الخلفية . و لندرك أهمية هذه الأربطة ، يكفي أن نعلم أنها تحمل الرحم التي يزيداد وزنها من (50) إ قبل الحمل إلى (5325) إ مع /ا تحويه من محصول الحمل . و أن انقلاب الرحم إلى الخلف قبل الحمل قد يؤدي للعقم لعدم إمكان النطاف المرور إلى الرحم ، و إذا حصل الانقلاب بعد بدء الحمل فقد يؤدي للإسقاط .
و هرمونياً : يكون الجنين في حماية من تقلصات الرحم القوية ، التي يمكن أن تؤدي لموته ، أو لفظه خارجاً ، و ذلك بارتفاع عتبة التقلص لألياف العضلة الرحمية بسبب ارتفاع نسبة هرمون البروجسترون الذي هو أحد أعضاء لجنة التوازن الهرموني أثناء الحمل و التي تتألف من :
1 ـ المنميات التناسلية : كمشرف .
2 ـ هرمون الجريبين كعضو يقوم بالعمل مباشر .
3 ـ هرمون البروجسترون كعضو يقوم بالعمل مباشرة . تتعاون هذه اللجنة و تتشاور لتؤمن للجنين الأمن و الاستقرار في حصنه المنيع ، فلنستمع إلى قصتها بإيجاز :
ما إن تعشعش البيضة في الرحم حتى ترسل الزغابات الكوريونية إلى الجسم الأصغر في المبيض رسولاً يدعى المنميات التناسلية تخبره بأن البيضة بدأت التعشيش ،و تطلب منه أن يوعز للرحم أن تقوم بما عليها من حسن الضيافة .
و فعلاً يقوم الهرمون التأثير المباشر على الدم لتقوم بتأمين متطلبات محصول الحمل ، كما أن الهرمون و اللوتئين ( البروجسترون ) ، كما ذكرنا ، الفضل في رفع عتبة تقلص العضلات الرحمية ، فلا تتقلص إلا تقلصات خفيفة تفيد في تعديل وضعية الجنين داخل الرحم . و في الشهر الثالث يبدأ الجسم الأصفر يعلن عن اعتذاره عن الاستمرار في تقديم هذه الهرمونات ،و يميل للضمور ، و في هذا الوقت تأخذ المشيمة ـ التي تكون قد تكونت ـ على عاتقها أمر تزويد الحمل بمتطلباته المتزايدة من الهرمونات حتى نهاية الحمل .
و هكذا نجد لغة التفاهم و التعاون ظاهرة في هذه اللجنة الهرمونية و الجهات التي تصدر عنها .
المرجع :
مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق